محمد سامي و نظرية عربية الكبدة
في البداية.. اعتذار واجب..
بعتذر عن كل مرة كنت فيها قاسي في انتقادي.. معلش.. كنت صغير
كنت صغير و بتكلم من موضع المُنَظر عديم التجربة الفعلية واللي بتخليك شايف إنك أكيد لو عملتها هتعملها أحسن.. إعمالاً لنظرية "اللي على البحر عويم"
مفيش حاجة في الدنيا أسهل من إنك تمسك شغل حد و تطلع فيه "القطط الفطسانة".. وبالذات في شغلتنا..
يمكن صعب تعدل على الدكتور و تقوله ليه عملت العملية دي بفتح كامل معملتهاش منظار؟ أو صعب تتحفظ على نظرية المهندس ورؤيته في بناء شبكة الاتصالات دي.. لكن سهل إنك تعترض أو تقول وجهة نظرك على شغل فنان!
سامع حد بيقول.. وإيه المشكلة أما أنتقد شغل فنان؟ هو مش الفن صانع ومتلقي؟.. خلاص لو مش عاجبك يبقى قدم فن لنفسك!
طب معلش يعني هو المهندس بيبني المبنى أو بيعمل موتور لنفسه؟ مش حضرتك برضه طرف في المعادلة وبتتعامل مع المنتج اللي بيطلعه في الأساس ليك؟ ليه مش بتعمل Reviews مباني؟ اشمعنى الفن هو الحيطة المايلة؟
وهنا بقى يكمن سحر الفن.. خليك أنت و أنا هرد عليك و أقولك إن الفن سلطة خفية بتأثر في الكل.. شعوب.. بشر.. الجماهير (بصوت حسن كامي).. فن لو قوي ومؤثر هيكون عابر للزمان و المكان.
وأنت فنان فخطابك و رسالتك بيخاطبوا الكل.. على عكس باقي المهن اللي في الأغلب المتأثرين فيها بنتيجة شغلك هم عدد محدود مهما زاد.. يا سيدي أنت بنيت برج و حصل فيه مشكلة.. هيتضرر كام؟ 2000 إنسان؟! ودة رقم مبالغ فيه.. لكن الفن غير.
صوتك وفنك سواء أغنية.. فيلم.. مسلسل.. لوحة.. إعلان.. مهما كان فنك.. فهو هيأثر في عدد أكبر.. هيأثر في ملايين البشر.. إن لم يكن مليارات في بعض الحالات.
ومن هنا تأتي أحقية السيد المتلقي في التقييم و إبداء التحفظ أو الاعتراض أو حتى الرفض المطلق.
نرجع لاتعذاري عشان مطولش في المقدمة أكتر من كدة.
في مراحل سابقة بشوية حلوين كانت وجهة نظري دايماً بتكون إن الفن لازم يكون على قدر معين من التعقيد عشان يستاهل إنه يتسمى فن.. خطوط درامية تتبني مزبوط من أول حلقة وكل يوم تزيد طبقة لحد ما تعرف تقطفها في النهاية.. موسيقى بتدي أبعاد درامية زيادة للمشهد مش مجرد موسيقى حزينة على مشهد حزين.. صورة فيها تكوين بيقول حاجة من خلال طبقاته.
والحقيقة أنا لسة عند رأيي و مقتنع إن أدوات الصانع وحرفته هي شيء مهم جداً.. لكني مع الوقت فرأيي أٌضيف ليه بُعد تاني وهو " توظيف الأدوات لتتناسب مع طبيعة الجمهور"
واللي يقدر يفهم الجمهور ويملك مفاتيحه فهو تقريباً خلص نص اللعبة.
سامع حد برضه ممكن يقول.. ما دي سهلة.. إيه اللي فيها يعني.. الناس تحب الحاجة التافهة.. الرقص و البلطجة و الجمل الحرشة اللي مليانة قافية.
وهنا ييجي السؤال.. طيب لو هي سهلة.. كام فيلم من الأعلى نجاحاً كانت فيه المواصفات دي؟ ولو سهلة.. معملتهاش ليه؟ مش عاوز.. مفادئك و انتصارك للفن؟ طب كل الناس عندها نفس المباديء؟ كل الناس عارفة الوصفة و مش عاوزة؟ كلها بقى ليها أخصام.. كلها مافيا و عصابات؟
طب عليا الطلاق كله بيكدب.. نكتفي بهذا القدر من الغنوة.. شكراً كزبرة.
الحقيقة إنه محدش يعرف المعادلة.. دة لو افترضنا أصلاً إنه في معادلة.. لكن في حد قدر إنه يتوصل لخلطة.. توابلها متعتبرش جديدة.. لكنه جمعها مع بعض.. و مشروع ورا مشروع لحد ما بقت الخلطة الخاصة بيه.. خلطة محمد سامي.
خليني أوفر عليك الوقت..
هل مسلسلات محمد سامي قوية فنياً؟ ليست الأقوى
هل هي أعمال ممكن تعيش و تتشاف مرة و أتنين؟ لأ هي أعمال ورقية و بمجرد ما تشوفها مش بترجع تتفرج عليها تاني.
هل هي أعمال واقعية؟ لأ.. لا من حيث الموضوعات ولا من حيث الشخصيات ولا من حيث التنفيذ.. بتاخد لمحة من الواقع و تضخمها.. على كل الأصعدة.
هل هي الأفضل فنياً؟ لأ برضه.. تنفيذها فنياً بسيط جداً لدرجة تخليك تحس إنك تقدر تعمل زيها.. وكتير من المسلسلات كل سنة بتكون أقوى منها على مختلف الأصعدة.
طيب.. هل هي أعمال جذابة؟ هل هي أعمال ناجحة؟ الإجابة قطعاً أيوة.
ودة في حد ذاته شيء يحترم
فرق كبير ما بين إنك تقول إن محمد سامي بيقدم فيلم أو مسلسل يرتقي لمستوى ال Emmy's و الأوسكار أو إنك تقول إن في صانع مصري قادر يقدم عمل "مُسَلي".. قادر إنه يقدم عمل يخليك مع نهاية كل حلقة عاوز تشغل الحلقة اللي بعدها.
أحب أستعير مصطلح الاستوديوهات التحليلية و أقول "خلونا نتكلم كفنيين" وهي هتكون محاولة لتحليل أسلوب محمد سامي و بالتالي.. نقدر إننا نستشف منه الخلطة اللي الجمهور حبها منه.. مع التوضيح.. قليل أوي من المخرجين اللي المشاهد ممكن يكون عارفهم بالاسم.. و أنا هنا أقصد المشاهد العادي غير المختص.
أولاً على صعيد آداء الممثلين في أغلب أعمال محمد سامي.. كل الممثلين تقريباً آداؤهم بيكون كاريكاتيري.. عندك مثلاً شخصية رفاعي الدسوقي.. أو جعفر العمدة .. أو نعمة الأفوكاتو.. لو جيت بصيت عليهم لوحدهم كدة.. بمعزل عن خلطة محمد سامي.. هل دي شخصيات تقدر تقدمها للناس؟ هل دي مشية؟ هل دي طريقة كلام؟
وباقي الشخصيات اللي حوليهم.. هل طبيعي إن كل الممثلين لازم ينبهروا بالبطل و هزاره و يكون العمل كله بيدور حوليه؟
آداء الممثلين في اعمال محمد سامي فكرني بمسلسلات أول الألفينات.. ويحضرني بالأخص مسلسل أولاد الأكابر.. تلاقي البطل يقول كلمة.. لازم نقطع Close up على وش كل واحد من الممثلين اللي قاعدين على الترابيزة بياكلوا معاه.. ولازم يدوا انفعالات عاملة زي الحبهان.. الغبي هيفهمها.. عشان كدة متحسش إن المونتاج في أي تعقيدات في البناء.
طيب نيجي للموسيقى.. الموسيقى بتكون صاخبة و مباشرة جداً.. وفي أغلب الأعمال بتكون شبه بعض.. لقطة حزينة نشغل مزيكا تخلي الأطرش يعرف إنك محتاج تحزن هنا.. نتحمس تشتغل مزيكا كلها حماس و تشويق.. وفي أغلب الأحيان ممكن نلجأ لرباعيات عشان تأكد المعنى..
حتى في الإضاءة والديكور.. أبعد ما يكونوا عن الواقعية.. البيوت شبه بعض.. نفس اللمبات الصفرا و البنفسجي و الخضرا.. الديكور مش بيكون ديكور بيت تماماً.. ودي بما إنها بتتكرر فواضح إنها قرار واعي.. مش غلطة.
أعمال محمد سامي لا تتطلب من المشاهد تقريباً أي مجهود ذهني أو أي توقع.. ودة في تقديري بيكون مقصود.. أنت من أول يوم بتكون عارف اللي هيحصل.. ولكنك للعجب بتتفرج.
طيب أمال إيه جو ال Visual Storytelling.. و Show Don't Tell.. ومكنون الشخصية؟ وكل الكلام المجعلص دة؟
دة بالتأكيد كلام قيم.. لكن زي ما اتكلمنا في الأول.. أنت مين جمهورك؟ أو بمعنى أدق مين المتلقي اللي عاوز المنتج بتاعك؟
عمرك سألت نفسك ليه أغلب عربيات الكبدة الاسكندراني و السجق بتنجح؟ مع إن كل خلق ربنا عارفين إن سعر السندوتش بيكون رخيص بسبب جودة اللحوم و قلتها بالمقارنة بالخلطة؟ فلفل كتير و بصل و طماطم و توابل تشعوط بقك!
في تقديري محمد سامي شخص متصالح مع نفسه في اتباع نظرية عربية الكبدة.. ودة غير مقصود بيه الإقلال من جودة شغله.. ولكني فعلاً بحترم الشخص المتصالح مع ما يقدمه.. محمد سامي عمره ما قال إنه مخرج عميق.. أو طلع و قعد يتكلم في نظريات و يقول جمل على لسان Spielberg و James Cameron.
محمد سامي رجل Entertainer.. بيقدملك وجبة لا تتطلب منك أي مجهود.. تقدر تهضمها وأنت في رمضان و بتعاني من نقص الجلوكوز و المية والكافيين وكل حاجة ومضحكش عليك و قاللك أنا بقدم حاجة عميقة.
بيقدملك منتج أقرب لمسلسل الساعة 7 زمان.. سوق العصر و العصيان و أولاد الأكابر والحقيقة و السراب.. وواضح جداً لأي حد بيفهم إنه مذاكر الأعمال الدرامية اللي نجحت و علمت مع الناس كويس أوي.. و بيفكها ويشوف نجحت ليه و يعمل زيها ولكن بالأدوات الجديدة.. ودة لا يعيبه.. بالعكس.. اسمه أصبح علامة مسجلة لمسلسل فيه الحد الأدنى من الجودة و الإمتاع.. من أول مسلسل آدم لحد نعمة الأفوكاتو.
أنا عارف إني طولت عليكم و لكن عشان نختتم كلامنا النهاردة شايف إن حالة الانفصام ما بين الإقبال الرهيب على أعمال محمد سامي في مقابل الانتقاد الدائم ليها و اتهامها بالإسفاف أو على الأقل الركاكة و الضعف الفني ناجم من عدم اقتناع المشاهد إنه عادي يشوف الاتنين.. عادي يشوف مسلسل عميق لكريم الشناوي.. وبرضه يشوف مسلسل محمد سامي.. عادي إنه يحب أفلام ستانلي كوبريك وفي نفس الوقت يكون مستمتع بنعمة الأفوكاتو أو جعفر العمدة.. في النهاية دول منتجين مختلفين.. والتلقي معاهم بيكون من مناطق مختلفة.. اللي تتفرج عليه وأنت بتشرب القهوة و مضلم البيت كله و مركز غير اللي تشوفه و تقوم في النص تجيب حتة كنافة.
Comments
Post a Comment